يسبّحونه: ينزهونه عما لا يليق به .
ثم تختم السورة بالإرشاد إلى أن الملائكة مع عظيم شرفهم وسمو مرتبتهم معترفون بعبوديتهم ،خاضعون لعزّ الربوبية ،لا يخالجهم في عبادتهم كِبر ،وهم دائما يسبّحون الله وله يسجدون .فما أحوج الإنسان وقد ركّبت فيه مبادئ الشهوة والغضب أن يتخذ إلى ربه سبيلا ،فيعبده بحق .
وهذه الآية إحدى الآيات التي طُلب إلى المؤمنين أن يسجُدوا عند تلاوتها أو سماعها ،وهي أربع عشرة آية في القرآن الكريم .
وهذه هي السجدة المعروفة بسجدة التلاوة: وهي سجدة بين تكبيرتين: تكبيرة لوضع الجبهة على الأرض ،وأخرى للرفع من السجود ،دون تشهد ولا تسليم .ويشترط لها ما يشترط للصلاة من الطهارة والنية واستقبال القبلة .
والحكمة في هذه السجدة أنها نوع من التربية العملية الروحية في إعلان التمسك بالحق والإعراض عن الباطل ،ومراغمة المبطلين ،والسير في طريق المثل العليا للذين حمَّلهم الله أمانة الحق والدعوة إليه .وبذلك كانت سجدة التلاوة شعارا عاما للمؤمنين في إعلان تقديسهم عبادتهم ،وشدتهم في مخالفة الباطل كلَّما قرأوا القرآن أو سمعوه .
جعلنا الله من المسبحين بحمده ،الساجدين له ،المقتدين بأنبيائه ،المتشبهين بالملأ الأعلى ،إنه سميع مجيب .