الدواب: كل ما دبّ على وجه الأرض ،وغلب على ذوات الأربع من الحيوان ،وشبه الله تعالى الكفاربالدواب .
لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة صار الكفار معه أقساماً ثلاثة: قسماً: صالحهم ووادعهم على أن لا يحاربوه ولا يظاهروا عليه ولا يوالوا عليه عدوَّه ،وهم على كفرهم آمنون على دمائهم وأموالهم .وقسماً: حاربوه ونصبوا له العداوة .وقسماً: تركوه فلم يصالحوه ولم يحاربوه ،بل انتظروا ما يؤول إليه أمره وأمر أعدائه .
ثم من هؤلاء من كان يحبّ انتصار الرسول في الباطن ،ومنهم من كان يحب انتصار المشركين ،ومنهم من دخل معه في الظاهر ،وهو مع عدوه في الباطن ليأمن الفريقين .هؤلاء هم المنافقون .وقد عامل الرسول كل طائفة من هذه الطوائف بما أمره به الله .
وكان من بين من صالحهم ووادعهم طوائف اليهود الثلاث المقيمين حول المدينة ،وهم بنو قينقاع ،وبنو النضير ،وبنو قريظة .كما كان من بينهم قبائل من المشركين مجاورة للمدينة .
وقد وردت روايات متعددة في المقصودين بهذا النص ،قيل: إنهم بنو قريظة ،وقيل: إنهم بنو النضير ،وقيل: إنهم بنو قينقاع ،وقيل: إنهم الأعراب الذين كانوا حول المدينة من المشركين .وقد نقض اليهود عهودهم مع رسول الله أكثر من مرة ،كما تكرر نقض المشركين من العرب لعهودهم .والمهم أن نعلم أن هذه النصوص تتحدث عن حالةٍ واقعةٍ قبل بدرٍ وبعدها .
{إِنَّ شَرَّ الدواب عِندَ الله الذين كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} إن شر ما يدبّ على وجه الأرض عند الله في حُكمه وعدله هم الكفار المصرّون على كفرهم .