أصحاب مدْين: قوم شُعيب .
المؤتفكات: قوم لوط .
ثم شاء أن ينبّههم ويحذرهم من سوء عاقبة أعمالهم ،فاتجه من خطابهم إلى خطاب عام ،كأنما يَعجب من هؤلاء الذين يسيرون في طريق الهالكين ،لعلّهم يعتبرون بالذين خلّوا من قبلهم ،ويتّعِظون بهم ،فيقول:
{أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الذين مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وِأَصْحَابِ مَدْيَنَ والمؤتفكات أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بالبينات فَمَا كَانَ الله لِيَظْلِمَهُمْ ولكن كانوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} .
أفلا يعتبر المنافقون والكافرون بحال الذين سبقوهم ممن ساروا في نفس الطريق الخاطئة ،عَصَوا رسُلَهم وخالفوا أمر ربهم فأخذهم العذاب !!ومن هؤلاء «قوم نوح » وقد غمرهم الطوفان وأغرقهم ،وقوم «عاد » وقد أُهلِكوا بريحٍ صَرْصر عاتية ،و «ثمود » وقد أخذتْهم الصحيةُ ،
و«قوم إبراهيم » وقد أهلَك الله طاغيتَهم المتجبّر الذي حاول إحراق إبراهيم ،«وأصحاب مدين » وقد أصابتهم الرجفةُ وخنقتْهم الظُلّة ،«والمؤتفكات » قرى قوم لوط ،وقد جعل الله عاليَها سافلَها وقطَع دابرَهم .ألم يأتِهم نبأ هؤلاء الذين «أتتهم رسُلُهم بالبينات » فكذّبوا بها ،فأخذهم الله بذنوبهم !!،لقد ظلموا أنفسَهم بكفرهم وتمرّدهم على الله ،وإن كثيراً ممن يبتليهم الله بالقوة والنِعمة لتغشَى أبصارَهم وبصائرهم غشاوة ،فلا يُبصرون مصارع الأقوياء قبلهم .