/ت19
ولقد علقنا على موضوع عدم إيمان الكفار بالآخرة وعدم خوفهم منها في سياق سورة المدثر فلا نرى ضرورة للإعادة بمناسبة ما جاء في الآية [ 22] من ذلك إلا التنبيه إلى ما تضمنته العبارة القرآنية هنا من تعليل لتناقض الكفار المشركين الذين كانوا يؤمنون بوجود الله وكونه الخالق الرازق النافع الضار وحده حيث كان عدم إيمانهم بالآخرة هو الذي يحملهم على الجحود برسالة النبي والقرآن واستكبارهم عنهما .
هذا ،ولقد أورد البغوي في سياق هذه الآية حديثا رواه بطرقه عن النبي صلى الله عليه وسلم جاء فيه: ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ،ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان .فقال رجل: يا رسول الله إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا قال: إن الله جميل يحب الجمال ،الكبر بطر الحق وغمط الناس ) وهذا الحديث مما رواه مسلم والترمذي عن عبد الله بن مسعود أيضا{[1241]} .
والاستكبار المذكور في الآية على ما تلهمه روحها وسياقها هو الاستكبار عن الدعوة النبوية ،غير أن التفسير الذي جاء في الحديث يجعله مما يتناول هذا أيضا .ويلمح في الحديث حكم نبوية عديدة من وعد وبشرى للمؤمن ووعيد رهيب للمتكبرين ومن توضيح لمعنى الكبر المحرم ومن رفع الحرج عن رغبة المرء في أن يبدو ذا هيئة حسنة في حياته ومظهره إذا لم يكن في ذلك بطر للحق وغمط للناس .