قوله تعالى:{إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون ( 22 ) لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين ( 23 )} بعد أن بين الله تبينا قاطعا أن تصور المشركين الذين اتخذوا مع الله آلهة أخرى ،لهو بالغ الضلالة والفساد والسفه ،شرع في التذكير بأن الإلهية إنما تكون لله وحده وليست لأحد سواه ؛فهو الإله الخالق المعبود الذي تتجلى فيه كل صفات الإله القادر الحكيم .فقال سبحانه: ( إلهكم إله واحد ) .
قوله: ( فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة ) هذا وصف للضالين الخاسرين الذين يكذبون بيوم الدين ويجحدون حقيقة القيامة واليوم الموعود ؛فهم صنف من البشر التائه الزائغ الذي لا يقبل الوعظ ولا يؤثر فيهم التذكير أو النصح لفرط غيّهم وتماديهم وكزازة طبائعهم ؛إنهم أناس ضالون مضلون قد ارتابت قلوبهم ،وفسدت فطرتهم ؛فكانوا أولي قلوب جاحدة ( منكرة ) أي تستنكر كل يقين مما هو ظاهر وجلي ومستبين بأن الله خالق كل شيء ،وله ملكوت كل شيء ؛فيجب إفراده وحده بالإلهية والربوبية والحاكمية كيلا يكون من إله أو رب أو مشرع سواه .
قوله: ( وهم مستكبرون ) هذا وصف للجاحدين الظالمين الذين أبوا إلا العتو والتكذيب ،جريا وراء أهوائهم الزائغة الفاسدة ( وهم مستكبرون ) أي متكبرون عن الإقرار لله بالوحدانية وإفراده وحده بالإلهية والربوبية والحاكمية ؛بل إنهم طوّعت لهم أنفسهم المعوجة التي تستمرئ الباطل أن يعبدوا مع الله آلهة أخرى ،أو يتخذوا من دونه أربابا شتى ليصطنعوا لهم من التشريع غير ما أنزله الله للعباد .