{وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين 24 ليحملوا أوزارهم 1 كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون2 25قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد 3 فخر عليهم السقف من فوقهم وآتاهم العذاب من حيث لا يشعرون 26 ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم 4 قال الذين أوتوا العلم إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين 27 الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء 5 بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون 28 فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين 29} [ 24-29] .
في الآيات:
1- إشارة إلى ما كان يقوله الكفار حينما كانوا يسألون عن الآيات القرآنية التي ينزلها الله على رسوله حيث كانوا يقولون إنها أساطير الأمم السابقة وقصصهم .
2- وإنذار رباني بأنهم بمثل هذه الأقوال التي تصدر منهم بغير علم ولا برهان إنما هم في الحقيقة يحملون أنفسهم أفدح الأوزار التي سوف يحاسبون عليها يوم القيامة .ولسوف يحملون بالإضافة إلى أوزارهم الكاملة بسبب كفرهم مسؤولية وأوزار الذين يضلونهم أيضا وتكون من أسباب تشديد العذاب عليهم ،ولبئس ما يحملون من أوزار ،ولبئس العاقبة عاقبتهم .
3- وتذكير بأمثالهم من قبل: فقد وقفوا موقفهم من الكيد والمكر والكفر والتعجيز فدمر الله عليهم مساكنهم فوق رؤوسهم وسلط عليهم العذاب في الدنيا دون أن يشعروا بمقدماته ،وينطوي في التذكير وعد رباني بمثل ذلك .وبالإضافة إلى ذلك فلسوف يخزيهم الله يوم القيامة ويسألهم سؤال التبكيت والإفحام عن الشركاء الذين كانوا يجادلون ويشاقون فيهم فلا يجدون ما يجيبون به ؛لأن الحق يكون قد دمغهم .وحينئذ يقول المؤمنون الذين عرفوا الحق وأتوا العلم إن الخزي والسوء واقعان اليوم على الكافرين .
4- ووصف لما يكون من حالة هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم وجنوا عليها وورطوها بالشرك: فلسوف تتوفاهم الملائكة بما يستحقونه من القسوة والتجهم .ولسوف يعلنون استسلامهم ويتنصلون من آثامهم ولكن ذلك لن يجديهم شيئا فإن الملائكة سوف يدمغونهم بالحق ويقولون لهم إن الله عليم بما كانوا يفعلون .وأنهم قد استحقوا النار ثم يأمرونهم بدخول أبواب جهنم ليكونوا خالدين فيها ،وهي المثوى الذي يستحقه المستكبرون ولبئس هي من مثوى .
والآيات معطوفة على ما سبقها وهي استمرار لحملة التأنيب والإنذار .
وأسلوبها ومضمونها قويان مرعبان ،والمتبادر أنها استهدفت فيما استهدفته إثارة الخوف والرعب والندم في قلوب الكفار المشركين وحملهم على الارعواء .
وعبارة{ومن أوزار الذين يضلونهم} تلهم أن الجملة موجهة بصورة خاصة لزعماء الكفار وشارحة لمواقفهم وأقوالهم ومقررة أنهم السبب في بقاء دائرة الدعوة المحمدية ضيقة النطاق في العهد المكي مما تكرر تقريره في مواضع كثيرة في القرآن ومرت منه أمثلة عديدة .
وفي الآيات تأييد لتعليقنا على الآيات السابقة في صدد كون الدعوة المحمدية قد توسلت بالعذاب والوعيد الدنيوي والأخروي معا .
ولقد روى الطبري بطرقه في سياق الآية [ 25] حديثا عن الربيع قال: ( قال النبي صلى الله عليه وسلم أيما داع دعا إلى ضلالة فاتبع فإن عليه مثل أوزار من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيء وأيما داع دعا إلى هدى فاتبع فله مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء ) .وقد روى هذا الحديث مسلم وأبو داود والترمذي بصيغة قريبة جدا جاء فيها:( من دعا على هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ،ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا ){[1242]} وفي الحديث تلقين متساوق مع التلقين الذي انطوى في الآية كما هو المتبادر .