قوله تعالى:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَّاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ} .
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الكفار إذا سئلوا عما أنزل الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم قالوا: لم ينزل عليه شيء .وإنما هذا الذي يتكلم به من أساطير الأولين ،نقله من كتبهم .والأساطير: جمع أسطورة أو إسطارة ،وهي الشيء المسطور في كتب الأقدمين من الأكاذيب والأباطيل .أصلها من سطر: إذا كتب ؛ومنه قوله تعالى:{وَكِتَابٍ مُّسْطُورٍ} [ الطور: 2] .وقال بعض العلماء: الأساطير: الترهات والأباطيل .وأوضح هذا المعنى في آيات أخر ؛كقوله:{وَقَالُواْ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِي تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [ الفرقان:5] ،وقوله:{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءَايَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَآ إِنْ هَذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} [ الأنفال: 31] ،إلى غير ذلك من الآيات .
وقوله:{مَاذَا} يحتمل أن تكون «ذا » موصولة و«ما » مبتدأ ،وجملة «أنزل » صلة الموصول ،والموصول وصلته خبر المبتدأ .ويحتمل أن يكون مجموعهما اسماً واحداً في محل نصب ،على أنه مفعول «أنزل » كما أشار له في الخلاصة بقوله:
ومثل ماذا بعد ما استفهام ***أو من إذا لم تلغ في الكلام
وبين جل وعلا كذب الكفار في دعواهم أن القرآن أساطير الأولين بقوله:{قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ}[ الفرقان: 6] الآية ،وبقوله هنا:{لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [ النحل:25] .