2 ألتناهم: نقصناهم .
تعليق على آية
{والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان}
والضمير في{ألتناهم} راجع إلى المؤمنين كما هو المتبادر .والجملة تعني أن الذرية التي تتبع آباءها المؤمنين بإيمان ينالون ما يناله آباؤهم دون أن ينقص من ثواب آبائهم شيء كما هو المتبادر .
ولقد روى المفسرون أحاديث متنوعة في صدد هذه الآية فيها معان أخرى غير المعنى الذي ذكرناه والذي ذكره المفسرون أيضا .منها حديث رواه البغوي بطرقه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله يرفع ذرية المؤمن في درجته ،وإن كانوا دونه في العمل لتقر بهم عينه ثم تلا الآية ) .وحديث رواه البغوي كذلك عن علي بن أبي طالب قال: ( سألت خديجة النبي صلى الله عليه وسلم عن ولدين ماتا لها في الجاهلية فقال: هما في النار ،فلما رأى الكراهة في وجهها قال: لو رأيت مكانهما لأبغضتهما .قالت: يا رسول الله فولدي منك قال في الجنة .ثم قال: إن المؤمنين وأولادهم في الجنة وإن المشركين وأولادهم في النار .ثم قرأ الآية ) .وحديث أورده ابن كثير عن سيعد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم حسب ظن الراوي أنه قال: ( إذا دخل الرجل الجنة سأل عن أبويه وزوجته وولده فيقال: إنهم لم يبلغوا درجتك ،فيقول: يا رب قد عملت لي ولهم فيؤمر بإلحاقهم به وقرأ ابن عباس الآية ) .
وحديث رواه الطبري بطرقه عن ابن عباس قال في هذه الآية ( المؤمن ترفع له ذريته فيلحقون به وإن كانوا دونه في العمل ) وقد روى مثل هذا الحديث بصيغ متقاربة عن علي بن أبي طالب وبعض علماء التابعين .وهذا من قبيل تفسير الآية كما هو واضح .وهناك حديث يرويه الطبري أيضا عن ابن عباس في الآية قال:
( من أدرك ذريته الإيمان فعملوا بطاعتي ألحقتهم بآبائهم في الجنة وأولادهم الصغار أيضا على ذلك ) ومثل هذا مروي عن الضحاك أوليس من هذه الأحاديث شيء في كتب الأحاديث الصحيحة .ولكن ليس فيها مالا يحتمل الصحة أيضا نصا أو معنى .والمحصل فيها بالإضافة إلى المعنى الذي يتبادر من الآية ،والذي أوردناه قبل أن المؤمنين الذين لهم ذرية مؤمنة أو عاشت ذريتهم في حضانتهم وماتت قبل بلوغها يكرم الله آباءهم فيلحقها بهم في الجنة ولو لم يكن لها عمل أو عمل مواز لعمل آبائها .
وينطوي في هذا المحصل على ما هو المتبادر في جملة ما ينطوي فيها ترغيب وتبشير وتطمين للمؤمنين .على أن جملة{كل امرئ بما كسب رهين} وإن كانت كما قلنا قبل قليل تتضمن معنى التعقيب على مصيري الكفار والمتقين فإن مجيئها في هذه الآية يمكن أن يكون منطويا على تقرير كون الذرية التي لا تتابع آباءها بالإيمان تجزى بما كسبت دون أن تنتفع بإيمان وعمل آبائها .وإذا صح هذا ونرجو أن يكون صحيحا فيكون فيه توجيه وتحذير وتنبيه واتساق مع المبادئ القرآنية المحكمة .