{وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ} فآمنت ذريتهم كما آمنوا ،من موقع التربية والقدوة الصالحة ،{أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرّيَّتَهُمْ} ليجتمع شمل المؤمنين العائلي ،الذين أسسوا علاقاتهم العائلية على قاعدة الإيمان بالله لا على قاعدة العصبية ،ما جعل الواحد منهم يدعو الآخر إلى الإسلام ويقوّي موقفه ويدعم موقعه .فالإيمان هو الذي يوحِّد بين الناس في الدنيا ،ويجمعهم في مواقع رحمة الله في الآخرة ،وقد ورد في حديث أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) في ما رواه في الكافي بإسناده عن ابن بكير عن أبي عبد الله جعفر الصادق ( عليه السلام ) في قول الله عز وجل:{وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرّيَّتُهُم}"قال: فقال: قصرت الأبناء عن عمل الآباء فألحقوا الأبناء بالآباء لتقر بذلك أعينهم "[ 1] ..وقد جاء في الدر المنثور عن ابن عباس رفعه إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) قال: «إنّ الله يرفع ذرّية المؤمن إليه في درجته وإن كانوا دونه في العمل ،لتقرّ بهم عينه ،ثم قرأ:{وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مّنْ عَمَلِهِم مّن شَيْء} قال: وما نقصنا الآباء مما أعطينا البنين »[ 2] .
وعلى ضوء ذلك ،فإن التركيز في هذا التفسير على كلمة الإلحاق هو بلحاظ تساوي الدرجة ،مع اختلاف العمل ووحدة المبدأ في الإيمان .
{وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مّنْ عَمَلِهِم مّن شَيْء} فلكلّ واحدٍ منهم عمله ،لأن المسؤولية فردية يحددها ما يقوم به الفرد من عمل الخير وموقف الإيمان ،{كُلُّ امْرِىء بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ} ،فلا يتحمل إنسانٌ مسؤولية عمل إنسانٍ آخر ،ولا يكسب أحد نتائج عمل الآخر ،فلكلَ عقابه ولكلَ ثوابه .