{ إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون 7أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون8} .
ذكر سبحانه آياته الكبرى في خلق السماوات والأرض الدالة على أنه أنشأ كل شيء وأن من أنشأه ابتداء يستطيع أن يعيد ما أنشأ ، كما قال:{. . . .كما بدأكم تعودون29 فريقا هدى وفرقا حق عليهم الضلالة . . .30}( الأعراف ) .
وبعد ذلك ذكر الذين ينكرون البعث والنشور والقيامة والحساب ، وأنهم لا يخافون عقابا ولا يرجون ثوابا لانغماسهم في الأهواء والشهوات ، وفسدت مداركهم فلا يفكرون في عواقب أمورهم ، وكلما غلبتم الشهوات ألهتهم عن التفكير في خلق الله تعالى وما يدل عليه ، وعن التفكير في الآيات والنذر وما تدعو إليه من إيمان ثابتة دلائله .
اليوم الآخر ، هو ما يكون من بعث وحساب وجزاء ، وقد قال سبحانه:{ الذين لا يرجون لقاءنا} إشارة إلى استهانتهم بأنفسهم وخالقهم ، ولبيان المهابة في لقاء هذا اليوم والإشعار بأنه يوم خطير على الكافرين عسير .
كما أضاف سبحانه لحال إنكارهم الرضا بالفانية ومتعها بدل الحياة الأخرى الباقية بنعيمها الباقي ، ورضوا بالقليل الحاضر عن الكثير المقيم؛ ولذا قال سبحانه:{ ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها} .
أي أنهم رضوا وقنعوا بها لم تمتد أنظارهم إلى ما وراءها فشغلوا بالطريق وما به من منافع قصيرة عن المرتجي والمنتهي ؛ لأن الحس استغرقهم ولم يجعل في نفوسهم مكانا للنور يدرك به الحق ، واطمأنوا وسكنوا لملذاتهم وشهواتهم وقالوا في ذات أنفسهم:{ إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين37}( المؤمنون ) .
وقد وصفهم الله بالغفلة عن آياته:{ هم عن آياتنا غافلون} وهذه جملة معطوفة على ما قبلها .
الوصفان متغايران وإن كان متلازمين .
أولا – وصفهم بعدم توقع لقاء الله وأنهم قنعوا بالحياة الدنيا وما فيها واطمأنوا إلى ذلك واكتفوا به .
ثانيا – وصفهم بالغفلة ، وأن الرضا بالحياة الدنيا والاقتناع بها لا يكون إلا من غير المدركين المنتبهين لحقيقة الحياة وما بعدها .
وقد أكد سبحانه وتعالى غفلتهم بسبب انغماسهم في الأهواء والشهوات بالجملة الاسمية .