{غَافِلُونَ}: الغفلة: سهو يعتري الإنسان من قلّة التحفظ والتيقظ .
ملامح أصحاب النار وأصحاب الجنة
ما هي ملامح أصحاب النار وأصحاب الجنة ؟وبالتالي ما هي العوامل الذاتيّة والخارجيّة في حياة الإنسان ليكون من هذا الفريق أو ذاك ؟إن هذه الآيات تحدّد لنا ذلك بوضوح .
الراضون بالحياة الدنيا
{إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا} من خلال إنكارهم للآخرة التي هي عالم ما بعد الموت الذي يمثل نهاية كل شيء ،فلا حياة بعده ،بل هو النفق المظلم الذي يمتد إلى ما لا نهاية ،فهم لا ينتظرون أيّ لقاء بالحياة التي يرعاها الله ،في ما تعبّر عنه الآية بأنه لقاء الله{وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا} فهي بالنسبة لهؤلاء الذين لا يرجون لقاء الله تعالى الفرصة الأولى والأخيرة لهم ،فسعادتها هي السعادة ،وراحتها هي الراحة ،وشقاؤها هو الشقاء ،وتعبها هو التعب ،وهي المستقر والملاذ الذي يعيشون فيه الاستقرار والطمأنينة ،فلا يتطلعون إلى أفقٍ آخر ،ولا إلى أرض أخرى ،وبذلك كان الاطمئنان بها أمراً طبيعيّاً تفرضه لديهم فكرة المحطة الوحيدة للإنسان التي لا رحلة بعدها إلى محطةٍ أخرى ،بل هو الفراغ والظلام .وربما كان من الطبيعي لهذا الرضا بها والاطمئنان إليها ،أن يكون خطّاً للسير ومنهجاً للسلوك ،لأنّ ذلك يفرض الالتزام بقيمها وعلاقاتها وشهواتها وأهدافها ،بعيداً عن كل القيم الروحية المتصلة بالله واليوم الآخر .
{وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنَا غَافِلُونَ} وهذه نتيجةٌ طبيعيّة للصفة السابقة ،فإن الاستغراق في الدنيا والإخلاد إليها ،يمنع الفكر من الانفتاح على الأجواء الفكرية والروحيّة التي تتحرك فيها الآيات ،ويجعل عند الإنسان حاجزاً نفسياً داخليّاً ،يحجب عنه وضوح الرؤية للأشياء ،وهنا تُطبق عليه الغفلة لتشغله بأشياء أخرى ،ولتوجهه وجهةً بعيدة عن الله وعن كتبه ورسله ،فيضلّ وهو يحسب أنه يسير في طريق الهدى