/م7
قال:{ إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا} قال الفيومي في المصباح:رجوته أرجوه رجواعلى فعولأملته أو أردته ، قال تعالى:{ لا يرجون نكاحا} [ النور:60] أي لا يريدونه والاسم الرجاء بالمد ، ورجيته أرجيه من باب رمى لغة ، ويستعمل بمعنى الخوف ، لأن الراجي يخاف أنه لا يدرك ما يترجاه اه .وقال الراغب:الرجاء ظن يقتضي حصول ما فيه مسرة ، وقوله تعالى:{ ما لكم لا ترجون لله وقارا} [ نوح:13] قيل ما لكم لا تخافون ؟ ومثل الزمخشري في الأساس لحقيقة الرجاء بالمغفرة من الله ، والرشد في الولد .والإحسان من أهل الإحسان ، ثم قال:ومن المجاز استعمال الرجاء في معنى الخوف والاكتراث ، يقال:لقيت هولا ما رجوته وما ارتجيته .ومثل له بشعر .والتحقيق أن الرجاء الأمل والتوقع بما فيه خير ونفع ، وأن الخوف توقع ما فيه شر وضر ، فهما متقابلان كما قال تعالى:{ ويرجون رحمته ويخافون عذابه} [ الإسراء:57] ، وما في هذه الآية والآيتين 11 و 15 من هذه السورة والآية 21 من سورة الفرقان من رجاء لقاء الله منفيا يحتمل الرجاء والخوف جميعا ؛ لأن لقاء الله تعالى في يوم الحساب مظنة الخوف لقوم والرجاء لآخرين ، ولذلك قال في الكافرين{ إنهم كانوا لا يرجون حسابا} [ النبأ:27] وفسر بعض المحققين الرجاء هنا بمجرد التوقع الذي يشمل ما يسر وما يسوء .واللقاء الاستقبال والمواجهة .
والمعنى:إن الذين لا يتوقعون لقاءنا في الآخرة للحساب ، وما يتلوه من الجزاء على الأعمال ، لإنكارهم البعث ، ويلزمه أنهم لا يؤملون لقاءه الخاص بالمتقين في دار الكرامة ، وخصه بعضهم بلقاء الرؤية{ ورَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا} بدلا من الآخرة فصار كل همهم من الحياة محصورا فيها ، وكل عملهم لها ، كما قال في المتثاقلين عن النفير للجهاد{ أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة} [ التوبة:38] الآية{ واطْمَأَنُّواْ بِهَا} بسكون نفوسهم وارتياح قلوبهم بشهواتها ولذاتها وزينتها ليأسهم من غيرها .
{ والَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ} فلا يتدبرون المنزلة منها على رسولنا وما فيها من المواعظ والعبر ، والمعارف والحكم ، ولا يتفكرون في الكونية وما تدل عليه من حكمته وسنته في خلقه ، وما يقتضيه كل منهما من الجهاد وصالح الأعمال ، فكانوا بهذه الغفلة كالفريق الأول الذي لا يرجو لقاءنا ، في أن كلا منهما تشغله دنياه عن آخرته ، فلا يستعد لحسابنا له ، وما يتلوه من نعيم مقيم أو عذاب أليم .