/م7
{ أُوْلَئِكَ مَأْواهُمُ النُّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} الإشارة بأولئك إلى الفريقين ، أي مأواهم في الآخرة دار العذاب ( النار ) بما كانوا يكسبون مدة حياتهم الدنيا من الخطايا والذنوب المدنسة لأنفسهم بخرافات الوثنية ، وأعمال الشهوات الحيوانية ، وظلمات المظالم الوحشية ، واستمرارهم عليها الذي دنس أنفسهم وأحاط بها ، فلم يعد لنور الحق والخير مكان فيها .والمأوى في أصل اللغة الملجأ الذي يأوي إليه المتعب أو الخائف أو المحتاج من مكان آمن أو إنسان نافع ، كما ترى في استعمال أفعاله في جميع الآيات كقوله تعالى:{ ألم يجدك يتيما فآوى} [ الضحى:6]{ إذ أوى الفتية إلى الكهف} [ الكهف:10]{ والذين آووا ونصروا} [ الأنفال:72]{ آوى إليه أخاه} [ يوسف:69]{ أو آوي إلى ركن شديد} [ هود:80] الخ إلا لفظ المأوى فإنه أطلق على الجنة في ثلاث آيات ، وعلى النار في بضع عشرة آية منها آية يونس هذه ، وفي تسمية دار العذاب مأوى معنى دقيق في البلاغة دخيل في أعماقها ، فائض من جميع أرجائها ، يشعرك بأن أولئك المطمئنين بالشهوات والغافلين عن الآيات ليس لهم مصير يلجؤن إليه بعد هول الحساب إلا جهنم دار العذاب ، فويل لمن كانت هذه الدار له كالملجأ والموئل ، إذ لا مأوى له يلجأ إليه بعدها .
هذا بيان لجزاء الفريق الأول من المكلفين بقسميه ، والقارئ والسامع له تستشرف نفسه لجزاء الفريق الآخر والعلم بسببه ، وقد بينه بقوله:{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ}