/م7
{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ} أي يهديهم بسبب إيمانهم به صراطه المستقيم في كل عمل من أعمالهم التي تزكي أنفسهم وتهذب أخلاقهم .وصفهم أولا بالإيمان والعمل الصالح- الذي هو لازم الإيمان ومغذيه ومكمله بصيغة الماضي- لبيان صنفهم وفريقهم المقابل للفريق الذي ذكر قبلهم ، وأخبر بهداية إيمانهم لهم بصيغة المضارع الدالة على الاستمرار والتجدد ، كما أخبر عن كسب الكفار بهذه الصيغة ، وجعل الإيمان وحده سبب هذه الهداية ؛ لأنه هو الباعث النفسي لها ، والمعنى أنه يهديهم الصراط المستقيم الذي ينتهي بهم إلى دار الجزاء التي قال في بيان حالهم فيها:
{ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} أي تجري من تحت مقاعدهم من غرفات تلك الجنات ومن تحت أشجارها ، وتقدم لفظ"جنات النعيم "في سورة المائدة ( 5:68 ) ولفظ{ تجري من تحتهم الأنهار} في سورة الأعراف ( 7:42 ) وأما{ تجري من تحتها الأنهار} يعني الجنة فقد تقدم مكررا في سورة البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والتوبة ، والآية صريحة في معنى الآيات الكثيرة الناطقة بأن دخول الجنة بالإيمان والعمل الصالح معا ، لأن الإيمان الصحيح بدون الإسلام -وهو العمل- لا يوجد إلا في حال من يموت عقب إيمانه قبل أن يتمكن من العمل ، ودخول مثل هذا الجنة لا يعارض هذه النصوص العامة للأحوال العادية الغالبة .