{ ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين 95} .
لقد جاء قوله تعالى بعد النهي عن الامتراء . وهذه الجملة القرآنية معطوفة على قوله تعالى:{ فلا تكونن من الممترين} والنهي كالنهي السابق مؤكد بنون التوكيد الثقيلة وهو موجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بظاهر القول وموجه للناس كافة ، ومع ذلك فيه إشارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم سواسية في الخطاب بالحق مثلهم ، وفي قوله تعالى:{ ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله} نهي عن الامتراء ، وأن الامتراء بعد الإيمان يؤدي إلى تكذيب آيات الله تعالى ، ولذا نهى عنه صلى الله عليه وسلم بسياق القول وظاهر الخطاب ، النهي للناس أجمعين ، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم أسوة لهم في الخطاب كما هو أسوة لهم في الإيمان والنهي الموجه له يكون بالأولى نهي لغيره ، ذلك ليفتشوا قلوبهم ويبعدوها عن الامتراء في الحق حتى لا يؤدي ذلك إلى التكذيب بآيات الله .
{ ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله} في قوله تعالى نهي مؤكد لأن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم في صفوف الكثرة الضالة التي خير منها القلة المؤمنة ، فلا يقاس الحق بالعدد والكثرة ولكن بالإيمان وقوة الدليل ، ونكرر أن الخطاب للناس فلا يصح أن ينساق أحد وراء الكثرة المبطلة تاركا القلة المحقة ، وعبر سبحانه بقوله تعالى{ كذبوا بآيات الله} لبيان أن صلة الموصول سبب لانغمارهم في الضلالة ، إذ الآيات الكونية واضحة وآياته القرآنية تحدي بها العرب أن يأتوا بمثلها فعجزوا ، وقد رتب الله تعالى على تكذيب الآيات الكونية والقرآنية الخسارة{ فتكون من الخاسرين} ،( الفاء ) لبيان أن ما بعدها مترتب على ما قبلها ، أي أنه يترتب على تكذيب آيات الله أن تكون في صفوف الخاسرين الذين خسروا الإيمان ، وهذا أساس الخسران فخسروا الإيمان باليوم الآخر وما فيه من جزاء بعد الحساب ، وخسروا فزعموا أن الحياة الدنيا وحدها هي الحياة وهذا هو الخسران المبين .