{ يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد105}هنا قراءتان:
القراءة الأولى:أن الباء غير محذوفة وهو الأصل:{ يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه} .
والقراءة الثانية:حدف اجتزاء بدلالة الكسرة عليها ، كأنها مقدرة في الكلام ، تخفيفا وتيسيرا ، والقراءتان مشهورتان ، وإن حذف الباء موجود في لغة هذيل ، وهي من أفصح العرب ، فيقال لا أدر من غير عامل يجزم الفعل ويحذف الباء ، ويقول الزجاج:إن هذه قراءة ، والذي أراه اتباع المصحف ، وإجماع القراء لأن القراءة سنة متبعة .
ولا يقال ما قاله الجهلاء إن القرآن خالف النحو ، وذلك لأمرين:
الأمر الأول:إن الكسر إنباء عن وجود الباء وإن لم ينطق بها ليكون ذلك خفيفا على اللسان ، ووافق لغة من لغات العرب الفصيحة .
الأمر الثاني:أن النحو تشتق قوته من القرآن والقرآن فوقه .
وقوله تعالى:{ لا تكلم نفس إلا بإذنه} تكلم فعل مضارع حذفت فيه التاء ، وأصله لا تتكلم نفس إلا بإذنه . والضمير يعود على الله تعالى في ذلك( الا باذنه )لانه حاضر في العقول والنفوس والقلوب ولقد قال تعالى في ذلك:{ هذا يوم لا ينطقون 35 ولا يؤذن لهم فيعتذرون 36}( المرسلات ) .
وكونهم لا يتكلمون إلا بإذنه لكيلا يقولوا إلا صوابا كما قال تعالى:{. . . . لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا38}( النبأ ) .
ففي هذا اليوم يكون الإقرار بالذنوب من غير مماراة ، بل يقرون بالحق ؛ لأن هذا يوم الصدق ، وإن الكلام في هذا اليوم بالإقرار الصادق ، أما أن يكون فيه شقيا لما ارتكب وإما أن يكون سعيدا ، ولذا قال تعالى:{ فمنهم شقي وسعيد} فمن الجمع المجموع شقي بما ارتكب في النار ، وإما سعيد لم يرتكب إثما ، فيكون في الجنة ، وقد فصل القول سبحانه: