[ واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون] ترقبوا وخافوا يوما يردكم الله سبحانه وتعالى إليه فلا تملكون من أموركم شيئا فيه؛ فإذا ملكتم المال في الدنيا ، ففي هذا اليوم لا تملكون شيئا ، وإذا ملكتم المنح والمنع ففي اليوم الآخر لا تملكون شيئا . وفي هذا اليوم [ توفى كل نفس ما كسبت] أي جزاء ما كسبت إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ، وكأن ما توفاه عين ما كسبت للمماثلة بين الجزاء والعمل [ وهم لا يظلمون] أي لا ينقصون شيئا من ثواب ما عملوا ، ولا يعاقبون على ما لم يعملوا .
و تمت آيات الربا بهذه الآية ترغيبا وترهيبا ، ترغيبا في القرض الحسن ، وترهيبا من أكل الربا .
و من الحق علينا أن نختم الكلام في هذه الآيات بكلمات ننقلها عن الأستاذ الإمام محمد عبده ، لقد قال رحمه الله:
"يقول كثير من الذين تعلموا وتربوا تربية عصرية ، وأخذوا الشهادات من المدارس ، ومن هو أكبر من هؤلاء:إن المسلمين منوا بالفقر وذهبت أموالهم إلى أيدي الأجانب وفقدوا الثروة والقوة بسبب تحريم الربا ، فإنهم لاحتياجهم للأموال يأخذونها بالربا من الأجانب ، ومن كان غنيا منهم لا يعطي بالربا ، فمال الفقير يذهب ومال الغني لا ينمو . . . وهذه أوهام لم تقل عن اختبار ؛ فإن المسلمين في هذه الأيام لا يحكمون الدين في شيء من أعمالهم ومكاسبهم ، ولو حكموه في هذه المسألة ما استدانوا بالربا وجعلوا أموالهم غنائم لغيرهم ، فإن سلمنا أنهم تركوا أكل الربا لأجل الدين ، فهل يقول المشتبهون إنهم تركوا الصناعةوالتجارة والزراعة لأجل الدين ".
هذه كلمة الأستاذ الذي تجنى عليه المنحرفون ، وقالوا عليه ما لم يقل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .