عندما استعان فرعون بالسحر والسحرة استعان بهم ليغلبوا ، ولكنهم كانوا المميزين بين السحر والمعجزة فأدركوا أن عصا موسى ليست من السحر ، ولكنها معجزة الله تعالى أعطاها موسى فآمنوا ، قال تعالى:
{ فألقى السحرة سجدا قالوا آمنا برب هارون وموسى 70} .
يقول الزمخشري في عبرة هذه الوقائع:"سبحان الله ما أعجب أمرهم قد ألقوا حبالهم وعصيهم ، ثم ألقوا رءوسهم بعد ساعة للشكر والسجود ، فما أعظم الفرق بين الإلقاءين"ه . ونقول:ما أعظم الفرق بين الباطل والحق . وبين الاستجابة للباطل واستجابة للحق جل جلاله .
"الفاء"لترتيب ما بعدها على ما قبلها ، وكان ما قبلها هو إلقاء العصا ولقفها كل ما ألقوا وكان شيئا كثيرا إذ امتلأ المكان بالحبال والعصي التي تسعى ، حتى كأن الوادي صار أفاعي وحيات في نظر الرائي ، فكان عجبا أن تبتلعها عصا يتوكأ عليها ، ويهش بها على غنمه ، فكان الإيمان بالمعجزة ، وهم أهل الخبرة في معرفة ما هو سحر وما ليس بسحر فآمنوا بالمعجزة وخروا ساجدين .
{ فألقى السحرة سجّدا}{ سجّدا} جمع ساجد ، ك"صُوّم"جمع صائم ، وقوله:{ فألقي} بالبناء للمجهول للإشارة إلى أنهم ألقوا سجدا لوضوح الحق وظهوره ،{ قالوا آمنا برب هارون وموسى} آمنوا بالله واكتفوا من التعريف بأن يكون رب هذين الصادقين ، وخبر الصادق صادق .