{فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً} أمام هذه الآية الواضحة العظيمة الدالة على أنها من عند الله ،لا من البشر ،{قَالُواْ آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسَى} وكفرنا بفرعون وبما يأمرنا به من عبادة غير الله .
وفوجىء الطاغية الجبار ،وأسقط في يديه ،فقد أراد أن يسخر من موسى بإظهار ضعفه أمام قوة السحرة ،ليدفع الناس بعيداً عنه من خلال ذلك .لقد أراد أن يربح الشوط على موسى في ساحة المعركة ،فإذا بموسى يربح المعركة كلها عليه ،وها هو يفقد قوته أمام الشعب كله ،ويخشى أن يفقد موقعه الألوهي أو الملكي على الأقل ،فيتحرر العبيد من هذا الشعب ،ويتجرّأ السادة الأحرار عليه .
ولهذا أراد أن يقوم بعملية استعراض للسلطة أمام هؤلاء السحرة الذين أعلنوا إيمانهم قبل أن يستأذنوه ،فهو كان يعتقد أن كل شيء لا بد أن يمر بساحته وأن يحظى بموافقته ،لأنه يملك الفكر والإنسان والحياة ،فلا بد أن يمنح الإذن الرسمي للمؤمنين ليكون إيمانهم شرعياً قانونياً ،وإلا فَقَد صفته الشرعية ،واستحق على ذلك العقاب الأليم !