{ الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار}هذه اول أوصاف المؤمنين الذين استحقوا ذلك الجزاء الكريم من رب العالمين:{ الذين يقولون}وهذا الوصف يدل على انهم دائما متذكرون للإيمان وحالهم إنما هو تصديق للنبي في كل ما جاء به ،فلسان حالهم دائما انهم يقولون{ آمنا}أي انهم يقولون غنهم يذعنون ويصدقون كل ما جاء به القرآن الكريم ،وهدى النبي الأمين ، ومن كان لسان حاله تذكر الإيمان والإذعان لمر الله تعالى لا تكون منه معصية كبيرة ،ولا إهمال لأوامر الله تعالى ؛لأن ارتكاب المعاصي يتنافى مع الإذعان المطلق ،وتذكر الإيمان الدائم ؛إذ المعصية نكون في غفلة القلب وعدم تذكر الإيمان ؛ولذا قال عليه الصلاة والسلام:"لا يزني الزاني وهو مؤمن"{[472]} ،وإذا كان الإيمان بالله مستوليا على شعورهم فهم دائما يغلبون الخوف على الرجاء والضراعة على الطمع ،ولذا رتبوا على هذه الحالة طلبهم المغفرة وقالوا{ فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار}فهم دائما يحسون بعظم أخطائهم ،وذلك من قوة إيمانهم ،وقوة إذعانهم ؛ولذلك يطلبون الستر والغفران ،والوقاية من النار ،ولذلك كله من قوة الوجدان الديني ،وعظم سلطان النفس اللوامة ،والضمير المستيقظ ،فتكبر في نظرهم هفواتهم ،وتصغر حسناتهم ،ويعتقدون انه لا جزاء إلا أن يتغمدهم الله برحمته .