القول في تأويل قوله:الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16)
قال أبو جعفر:ومعنى ذلك. قل هل أنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا، [الذين] يقولون:"ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار ".
* * *
وقد يحتمل "الذين يقولون "، وجهين من الإعراب:الخفض على الردّ على "الذين "الأولى، والرفع على الابتداء، إذ كان في مبتدأ آية أخرى غير التي فيها "الذين "الأولى، فيكون رفعها نظير قول الله عز وجل:إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ[سورة التوبة:111]، ثم قال في مبتدأ الآية التي بعدها:التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ[سورة التوبة:112]. ولو كان جاء ذلك مخفوضًا كان جائزًا. (1)
* * *
ومعنى قوله:"الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا ":الذين يقولون:إننا صدّقنا بك وبنبيك وما جاء به من عندك ="فاغفر لنا ذنوبنا "، يقول:فاستر علينا ذنوبنا، بعفوك عنها، وتركك عقوبتنا عليها ="وقنا عذاب النار "، &; 6-264 &; ادفع عنا عذابك إيانا بالنار أن تعذبنا بها. وإنما معنى ذلك:لا تعذبنا يا ربنا بالنار.
وإنما خصّوا المسألةَ بأن يقيهم عذاب النار، لأن من زُحزح يومئذ عن النار فقد فاز بالنجاة من عذاب الله وحسن مآبه.
* * *
وأصل قوله:"قنا "من قول القائل:"وقى الله فلانًا كذا "، يراد:دفع عنه،"فهو يقيه ". فإذا سأل بذلك سائلٌ قال:"قِنِى كذا ". (2)
----------------------------------
الهوامش:
(1) انظر معاني القرآن للفراء 1:198.
(2) انظر تفسير"قنا"و"وقى"فيما سلف 4:206.