( ولو شاء الله ما أشركوا ) أي لو كانت مشيئة الله تعالى تعلقت بعدم شركهم ما أشركوا وما كانوا مشركين وإذا كان ذلك قدر الله تعالى الذي قدره وتدبيره الذي دبره ودخلوا الشرك باختيارهم فأعرض عن أذاهم وسخريتهم ، واتجه إلى الدعوة واستمر فيها مع ملاحظة أنك لست كفيلا بإيمانهم إنما أنت منذر .
وقد أكد الله سبحانه وتعالى أن النبي ليس مسئولا عن كفرهم ولا مطالبا بإيمانهم إنما هو منذر ومبشر فقال تعالى:( وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم ِبوَكِيل ) .
وما جعلناك حفيظا عليهم بمنعهم من الشرك ودفعهم إلى الإيمان و ( حفيظ ) صيغة مبالغة من حفظ أي ما جعلناك ( حارسا ) على إيمانهم تمنعهم من الخروج منه ، وتحملهم على الدخول فيه ، وقدم ( عليهم ) بيانا لاهتمامه بشأنهم بمقتضى الحراسة الحافظة التي نفاها الله تعالى عنه ، فالله تعالى لم يجعله كذلك ولكن جعله فقط مبشرا ونذيرا ، وهاديا بإذنه وسراجا منيرا ، وقد أكد الله سبحانه وتعالى عدم مسئولية النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:( وما أنت عليهم بوكيل ) أي ما أنت قد فوض أمرهم إليك بوكيل وكلته فتدبر أمرهم وتوجههم على حيث تريد إنما أنت منذر ، وذلك كقوله تعالى:( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء 56 ) ( القصص ) .
والله تعالى هو الذي ينظم علاقة الرسول بمن بعث إليهم وهي الدعوة ، فمن أجاب فقد أحسن ومن أعرض عن ذكر الله تعالى فقد طغى وكفر ، وليس على الرسول تبعة كفرهم ، والله تعالى هو المجازي .