{وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ مَآ أَشْرَكُواْ} فلا يعجزه إيمان الناس لو أراد الله أن يخلق الإيمان في قلوبهم ،تماماً كما لم يعجزه أن يبعث الناس ،فأحياهم بعد أن كانوا عدماً ،وأماتهم بعد أن كانوا يملكون كل وسائل القوّة والحياة ،ولكن الله أرادهم أن يؤمنوا به من خلال الفكر والإرادة ،لأن الله ربط الإيمان بالعقل والتأمل والإرادة ،ولهذا ضلّ من ضلَّ ،وأشرك من أشرك ،وآمن من آمن ،فقد أقام الله الكون على السنن الطبيعية التي أقامها ،سواءً كان ذلك في حركة الإنسان أو الحيوان أو النبات أو الجماد ..
{وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً} فليست مسؤوليتك أن تدخل الإيمان إلى قلوبهم بالقوّة ،وبالمعجزة ،بل كل مسؤوليتك ،أن تبلّغ ما أرادك الله أن تبلّغه ..بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن ،وأن تتابع الدعوة إلى الله ،حتى تستنفد كل التجارب ،حتى إذا استنفدت كل التجارب الممكنة انتهت مسؤوليتك ..{وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ} لأن الله سبحانه لم يجعل لك السيطرة التكوينية ،والقدرة الغيبيّة التي تشلُّ إرادتهم ،وتقهر تفكيرهم ،بل جعل لك مهمة الرسالة والدعوة .وتلك هي البداية والنهاية في خط الرسالات .