قوله تعالى:{وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} .
الغاسق: قيل الليل ،لقوله تعالى:{أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ الّلَيْلِ} .
ووقب: أي دخل .
وعليه قول الشاعر:
إن هذا الليل قد غسقا *** واشتكيت الهم والأرقا
وقول الآخر:
يا طيف هند قد أبقيت لي أرقا *** إذ جئتنا طارقاً والليل قد غسقا
قال القرطبي: وهذا قول ابن عباس والضحاك وقتادة والسدي وغيرهم .
وقيل: الغاسق: القمر إذا كان في آخر الشهر ،لحديث عائشة عند الترمذي"أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لها: تعوذي من هذا ،فإنه الغاسق إذا وقب ".أي القمر .
وقائل هذا القول يقول: إنه أنسب لما يجيء بعده من السحر ؛لأنه أكثر ما يكون عندهم في آخر الشهر .
ونقل القرطبي عن ثعلب ،عن ابن الأعرابي ،أن أهل الريب يتحينون وجبة القمر ،أي سقوطه وغيوبته .
وأنشد قول الشاعر:
أراحني الله من أشياء أكرهها *** منها العجوز ومنها الكلب والقمر
هذا يبوح وهذا يستضاء به *** وهذه ضمرز قوامة السحر
والضمرز: الناقة المسنة ،والمرأة الغليظة .
والصحيح الأول الذي هو الليل بشهادة القرآن .
والثاني: تابع له ؛لأن القمر في ظهوره واختفائه مرتبط بالليل ،فهو بعض ما يكون في الليل ،وفي الليل تنتشر الشياطين وأهل الفساد ،من الإنسان والحيوان ،ويقل فيه المغيث إلا اللَّه .
وفي الحديث:"أطفؤوا السرج ،فإن الفويسقة تضرم على الناس بيوتهم ليلاً ".أي الفأرة .