قوله تعالى:{قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ} .
ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن أولئك الضيف الكرام الذين هم ملائكة بشروا إبراهيم بغلاف موصوف بالعلم ونظير ذلك قوله تعالى أيضاً في الذاريات:{قَالُواْ لاَ تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلَيمٍ} [ الحجر:28] وهذا الغلام بين تعالى أنه هو إسحاق كما يوضح ذلك قوله في الذاريات{وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلَيمٍ فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ في صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ قَالُواْ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ} [ الحجر:28-30] لأن كونها أقبلت في صرة أي صيحة وضجة وصكت وجهها أي لطمته قائلة إنها عجوز عقيم يدل على أن الولد المذكور هي أمه كما لا يخفى ويزيده إيضاحاً تصريحه تعالى ببشارتها هي بأنها تلده مصرحاً باسمه واسم ولده يعقوب وذلك في قوله تعالى في هود في القصة بعينها:{وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ قَالَتْ يا وَيْلَتَا ءَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيءٌ عَجِيبٌ} [ هود:71-72] وأما الغلام الذي بشر به إبراهيم الموصوف بالحلم المذكور في الصافات في قوله تعالى:{وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ رَبِّ هَبْ لي مِنَ الصَّالِحِين ِفَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيم ٍفَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْىَ قَالَ يا بُنَىَّ إِنِّي أَرَى في الْمَنَامِ أَنِّى أَذْبَحُكَ} [ الصافات: 99-102] فهو إسماعيل وسترى إن شاء الله تعالى في سورة الصافات دلالة الآيات القرآنية على أن الذبيح إسماعيل لا إسحاق على وجه قاطع للنزاع ،والغلام يطلق في لغة العرب على العبد وعلى الصغير الذي لم يبلغ وعلى الرجل البالغ ومن إطلاقه على البالغ قول علي رضي الله يوم النهروان:
أنا الغلام القرشي المؤتمن*** أبو حسين فاعلمن والحسن
وقول صفوان بن المعطل السلمي لحسان رضي الله عنهما:
تلق ذباب السيف عني فإنني ***غلام إذا هوجيت لست بشاعر
وقول ليلى الأخيلية تمدح الحجاج بن يوسف:
إذا نزل الحجاج أرضا مريضة ***تتبع أقصى دائها فشفاها
شفاها من الداء العضال الذي بها*** غلام إذا هز القناة سقاها
وربما قالوا للأنثى غلامة ومنه قول أوس بن غلفاء الهجيمي يصف فرساً:
ومركضة صريحي أبوها ***يهان لها الغلامة والغلام