وقوله في هذه الآية الكريمة:{وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ}
يعني أن اقتناء هذه الأنعام وملكيتها فيه لمالكها عند الناس جمال ؛أي عظمة ورفعة ،وسعادة في الدنيا لمقتنيها .وكذلك قال في الخيل والبغال والحمير{لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [ النحل:8] فعبر في الأنعام بالجمال ،وفي غيرها بالزينة .والجمال: مصدر جمل فهو جميل وهي جميلة .ويقال أيضاً: هي جملاء .وأنشد لذلك الكسائي قول الشاعر:
فهي جملاء كبدر طالع ***بذت الخلق جميعاً بالجمال
والزينة: ما يتزين به .وكانت العرب تفتخر بالخيل والإبل ونحو ذلك ؛كالسلاح .ولا تفتخر بالبقر والغنم .ويدل لذلك قول العباس بن مرداس يفتخر بمآثر قبيلته بني سليم:
اذكر بلاء سليم في مواطنها*** ففي سليم لأهل الفخر مفتخر
قوم هم نصروا الرحمن واتبعوا ***دين الرسول وأمر الناس مشتجر
لا يغرسون فسيل النخل وسطهم*** ولا تخاور في مشتاهم البقر
إلا سوابح كالعقبان مقربة ***في دارة حولها الأخطار والعكر
والسوابح: الخيل .والمقربة: المهيأة المعدة قريباً .والأخطار: جمع خطربفتح فسكون ،أو كسر فسكونوهو عدد كثير من الإبل على اختلاف في قدره .والعكربفتحتين: جمع عكرة ،وهي القطيع الضخم من الإبل أيضاً على اختلاف في تحديد قدره .وقول الآخر:
لعمري لقوم قد ترى أمس فيهم*** مرابط للأمهار والعكر الدثر
أحب إلينا من أناس بقنة ***يروح على آثار شائهم النمر
وقوله: «العكر الدثر » أي المال الكثير من الإبل .وبدأ بقوله:{حِينَ تُرِيحُونَ} لأنها وقت الرواح أملأ ضروعاً وبطوناً منها وقت سراحها للمرعى .