قوله تعالى:{وَيَدْعُ الإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَآءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولاً} .
في هذه الآية الكريمة وجهان من التفسير للعلماء .وأحدهما يشهد له قرآن .
وهو أن معنى الآية{وَيَدْعُ الإِنْسَانُ بِالشَّرِّ} كان يدعو على نفسه أو ولده بالهلاك عند الضجر من أمر ؛فيقول اللهم أهلكني ،أو أهلك ولدي ؛فيدعو بالشر دعاء لا يحب أن يستجاب له .وقوله{دُعَآءَهُ بِالْخَيْرِ} أي يدعو بالشر كما يدعو بالخير فيقول عند الضجر: اللهم أهلك ولدي كما يقول في غير وقت الضجر: اللهم عافه ،ونحو ذلك من الدعاء .
ولو استجاب الله دعاءه بالشر لهلك .ويدل لهذا المعنى قوله تعالى:{وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِىَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} [ يونس: 11] أي لو عجّل لهم الإجابة بالشر كما يعجل لهم الإجابة بالخير لقضي إليهم أجلهم أي لهلكوا وماتوا ؛فالاستعجال بمعنى التعجيل .
ويدخل في عداء الإنسان بالشر قول النضر بن الحارث العبدري:{اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَآءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [ الأنفال: 32] .
وممن فسر الآية الكريمة بما ذكرنا: ابن عباس ،ومجاهد ،وقتادة ،وهو أصح التفسيرين لدلالة آية يونس عليه .
الوجه الثاني في تفسير الآيةأن الإنسان كما يدعو بالخير فيسأل الله الجنة ،والسلامة من النار ،ومن عذاب القبر ،كذلك قد يدعو بالشر فيسأل الله أن ييسر له الزنى بمعشوقته ،أو قتل مسلم هو عدو له ونحو ذلك .ومن هذا القبيل قول ابن جامع:
أطوف بالبيت فيمن يطوف*** وأرفع من مئزري المسبل
وأسجد بالليل حتى الصباح*** وأتلو من المحكم المنزل
عسى فارج الهم عن يوسف*** يسخر لي ربة المحمل