{الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ} والفردوس: أعلا الجنة ،وأوسطها ،ومنه تفجر أنهار الجنة ،وفوقه عرش الرحمان جل وعلا ،وعبر تعالى عن نيل الفردوس هنا باسم الوارثة .
وقد أوضحنا معنى الوارثة والآيات الدالة على ذلك المعنى ،كقوله تعالى:{تِلْكَ الْجَنَّةُ التي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً}مريم: 63] وقوله:{وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [ الأعراف: 43] وقوله تعالى:{وَقَالُواْ الْحَمْدُ للَّهِ الذي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأرض نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَآءُ} [ الزمر: 74] في سورة مريم في الكلام على قوله:{تِلْكَ الْجَنَّةُ التي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً} [ مريم: 63] فأغنى ذلك عن إعادته هنا ،وقرأ هذا الحرف: حمزة والكسائي: على صلاتهم بغير واو ،بصيغة الإفراد وقرأ الباقون: على صلواتهم بالواو المفتوحة بصيغة الجمع المؤنث السالم والمعنى واحد ،لأن المفرد الذي هو اسم جنس ،إذا أضيف إلى معرفة ،كان صيغة عموم كما هو معروف في الأصول .وقوله هنا:{هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} أي بلا انقطاع أبداً ،كما قال تعالى{عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [ هود: 108] أي غير مقطوع .وقال تعالى:{إِنَّ هَاذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ} [ ص: 54] وقال تعالى:{مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ} [ النحل: 97] كما قدمناه مستوفى .