قوله تعالى:{وَالَّذِينَ هُمْ لأماناتهم وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} .
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن من صفات المؤمنين المفلحين الوارثين الفردوس: أنهم راعون لأماناتهم وعهدهم: أي محافظون على الأمانات ،والعهود .والأمانة تشمل: كل ما استودعك الله ،وأمرك بحفظه ،فيدخل فيها حفظ جوارحك من كل ما لا يرضي الله ،وحفظ ما ائتمنت عليه من حقوق الناس ،والعهود أيضاً تشمل: كل ما أخذ عليك العهد بحفظه ،من حقوق الله ،وحقوق الناس .
وما تضمنته هذه الآية الكريمة ،من حفظ الأمانات والعهود جاء مبيناً في آيات كثيرة كقوله تعالى{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأمانات إِلَى أَهْلِهَا} [ النساء: 58] وقوله تعالى:{يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [ الأنفال: 27] وقوله تعالى في سأل سائل{وَالَّذِينَ هُمْ لأماناتهم وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} [ المعارج: 32] وقوله في العهد{وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً} [ الإسراء:34] وقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ} [ المائدة: 1] .وقوله:{وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} [ الفتح: 10] وقوله تعالى:{وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ} [ النحل: 91] وقد أوضحنا هذا في سورة الأنبياء في الكلام على قوله{وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ} [ الأنبياء:78] .وقوله: راعون: جمع تصحيح للراعي ،وهو القائم على الشيء ،بحفظ أو إصلاح كراعي الغنم وراعي الرعية ،وفي الحديث «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته » الحديث ،وقرأ هذا الحرف ابن كثير وحده: لأمانتهم بغير ألف بعد النون ،على صيغة الإفراد والباقون بألف بعد النون ،على صيغة الجمع المؤنث السالم .