قوله تعالى:{وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا في كُلِّ قَرْيَةٍ نَّذِيراً * فَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبيراً} .
المعنى: لو شئنا لخففنا عنك أعباء الرسالة ،وبعثنا في كل قرية نذيرًا يتولّى مشقّة إنذارها عنك ،أي: ولكننا اصطفيناك ،وخصّصناك بعموم الرسالة لجميع الناس تعظيمًا لشأنك ،ورفعًا من منزلتك ،فقابل ذلك بالاجتهاد والتشدّد التامّ في إبلاغ الرسالة ،و{لاَ تُطِعْ الْكَافِرِينَ} .
وما دلَّت عليه هذه الآية الكريمة من اصطفائه صلى الله عليه وسلم بالرسالة لجميع الناس ،جاء موضحًا في آيات كثيرة ؛كقوله تعالى:{قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [ الأعراف: 158] ،وقوله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لّلنَّاسِ} [ سبأ: 28] ،وقوله:{وَأُوحِىَ إِلَىَّ هَذَا القرآن لأنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ} [ الأنعام: 19] ،وقوله:{وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ} [ هود: 17] الآية .
وقد قدّمنا إيضاح هذا في أوّل هذه السورة الكريمة ،في الكلام على قوله تعالى:{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً} [ الفرقان: 1] ،