قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ} الآية .
قال بعض العلماء: يعني إذا أخروا التوبة إلى حضور الموت فتابوا حينئذ ،وهذا التفسير يشهد له قوله تعالى:{وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إني تُبْتُ الآن وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} .وقد تقرر في الأصول حمل المطلق على المقيد ،ولاسيما إذا اتحد الحكم والسبب كما هنا .
وقال بعض العلماء: معنى لن تقبل توبتهم لن يوفقوا للتوبة حتى تقبل منهم ويشهد له قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّمْ يَكُنْ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سبيلا 137} ،فعدم غفرانه لهم لعدم هدايتهم السبيل الذي يغفر لصاحبه ونظيرها قوله تعالى:{لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً 168 إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ} .قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرض ذَهَبًا} الآية .صرّح في هذه الآية الكريمة ،أن الكفار يوم القيامة لا يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبًا ولو افتدى به .
وصرّح في مواضع أخر أنه لو زيد بمثله لا يقبل منه أيضًا كقوله:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا في الأرض جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تقبل منهم} ،وبيّن في مواضع أُخر ،أنه لا يقبل فداء في ذلك اليوم منهم بتاتًا كقوله:{فَالْيَوْمَ لاَ يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلاَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ} ،وقوله:{وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا} ،وقوله:{وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ} ،والعدل: الفداء .