قوله تعالى:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً} .
قد بيَّن تعالى الضعف الأول الذي خلقهم منه في آيات من كتابه ،وبيَّن الضعف الأخير في آيات أُخر ؛قال في الأَوّل:{أَلَمْ نَخْلُقكُّم مّن مَّاء مَّهِينٍ} [ المرسلات: 20] ،وقال:{خَلَقَ الإِنْسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ} [ النحل: 4] ،وقال تعالى:{أَوَ لَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ} [ يس: 77] الآية ،وقال:{فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ} [ الطارق: 5-6] ،وقال:{كَلاَّ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مّمَّا يَعْلَمُونَ} [ المعارج: 39] ،إلى غير ذلك من الآيات .
وقال في الضعف الثاني:{وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} [ النحل: 70]و[ الحج: 5] ،وقال:{وَمَن نّعَمّرْهُ نُنَكّسْهُ في الْخَلْقِ أَفَلاَ يَعْقِلُونَ} [ يس: 68] ،إلى غير ذلك من الآيات .وأشار إلى القوة بين الضعفين في آيات من كتابه ؛كقوله:{فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ} [ النحل: 4] ،وإطلاقه نفس الضعف ،على ما خلق الإنسان منه ،قد أوضحنا وجهه في سورة «الأنبياء » ،في الكلام على قوله تعالى:{خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [ الأنبياء: 37] الآية .وقرأ عاصم وحمزة:{مّن ضَعْفٍ} في المواضع الثلاثة المخفوضين ،والمنصوب بفتح الضاد في جميعها ،وقرأ الباقون بالضمّ .
واختار حفص القراءة بالضم وفاقًا للجمهور ؛للحديث الوارد عن ابن عمر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ،من طريق عطية العوفي أنه أعني ابن عمرقرأ عليه صلى الله عليه وسلم:{مّن ضَعْفٍ} بفتح الضاد ،فردّ عليه صلى الله عليه وسلم ،وأمره أن يقرأها بضم الضاد ،والحديث رواه أبو داود والترمذي وحسّنه ،ورواه غيرهما ،والعلم عند اللَّه تعالى .