قوله تعالى:{يُدَبِّرُ الأمْرَ مِنَ السَّمَآءِ إِلَى الأرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ في يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ} .
ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة أنه يدبّر الأمر من السماء إلى الأرض ،وأنه يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة .
وأشار تعالى إلى هذا المعنى في قوله:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأمْرُ بَيْنَهُنَّ} [ الطلاق: 12] ،وقد بيَّن في سورة «الحجّ » ،أن اليوم عنده تعالى كألف سنة مما يعدّه الناس ،وذلك في قوله تعالى:{وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مّمَّا تَعُدُّونَ} [ الحج: 47] ،وقد قال تعالى في سورة «سأل سائل »:{تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ في يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [ المعارج: 4] .
وقد ذكرنا في كتابنا «دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب » ،الجمع بين هذه الآيات من وجهين:
الأول: هو ما أخرجه ابن أبي حاتم ،من طريق سماك ،عن عكرمة ،عن ابن عباس من أن يوم الألف في سورة «الحجّ » ،هو أحد الأيام الستّة التي خلق اللَّه فيها السماوات والأرض ،ويوم الألف في سورة «السجدة » ،هو مقدار سير الأمر وعروجه إليه تعالى ،ويوم الخمسين ألفًا هو يوم القيامة .
الوجه الثاني: أن المراد بجميعها يوم القيامة ،وأن الاختلاف باعتبار حال المؤمن والكافر ،ويدلّ لهذا الوجه قوله تعالى:{فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} [ المدثر: 9-10] ،وقوله تعالى:{يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ} [ القمر: 8] .
وقد أوضحنا هذا الوجه في سورة «الفرقان » ،في الكلام على قوله تعالى:{أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً} [ الفرقان: 24] ،وقد ذكرنا في «دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب »: أن أبا عبيدة روى عن إسماعيل بن إبراهيم ،عن أيّوب ،عن ابن أبي مليكة أنه حضر كلاًّ من ابن عباس وسعيد بن المسيّب سئل عن هذه الآيات ،فلم يدرِ ما يقول فيها ،ويقول: لا أدري .