قوله تعالى:{وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ} الآية .
ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أنه لا أحد أحسن دينًا ممن أسلم وجهه للَّه في حال كونه محسنًا ؛لأن استفهام الإنكار مضمن معنى النفي ،وصرّح في موضع آخر أن من كان كذلك فقد استمسك بالعروة الوثقى ،وهو قوله تعالى:{وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} ،ومعنى إسلام وجهه للَّه إطاعته وإذعانه ،وانقياده لَّله تعالى بامتثال أمره ،واجتناب نهيه في حال كونه محسنًا ،أي: مخلصًا عمله للَّه لا يشرك فيه به شيئًا مراقبًا فيه للّهِ كأنه يراه ،فإن لم يكن يراه فاللَّه تعالى يراه ،والعرب تطلق إسلام الوجه ،وتريد به الإذعان والانقياد التامّ ،ومنه قول زيد بن نفيل العدويّ:
وأسلمت وجهي لمن أسلمت *** له المزن تحمل عذبًا زلالا
وأسلمت وجهي لمن أسلمت *** له الأرض تحمل صخرًا ثقالا