قوله تعالى:{الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرض مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} .
قرأ هذا الحرف ،عاصم وحمزة والكسائي{مِهداً} بفتح الميم وسكون الهاء وقرأه باقي السبعة{مِهَاداً} بكسر الميم وفتح الهاء بعدها ألف ومعناهما واحد وهو الفراش .
وقد ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة ،أنه جعل الأرض لبني آدم مهداً أي فراشاً وأنه جعل لهم فيها سبلاً أي طرقاً ليمشوا فيها ويسلكوها ،فيصلوا بها من قطر إلى قطر .وهذان الأمران اللذان تضمنتهما هذه الآية الكريمة ،من كونه تعالى جعل الأرض فراشاً لبني آدم وجعل لهم فيها الطرق ،لينفذوا من قطر إلى قطر ،جاء موضحاً في غير هذا الموضع ،كقوله تعالى:{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأرض بِسَاطا ًلِّتَسْلُكُواْ مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً} [ نوح: 19 -20] ،وكقوله تعالى:{وَجَعَلْنَا في الأرض رواسي أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} [ الأنبياء: 31] .
وذكر كون الأرض فراشاً لبني آدم في آيات كثيرة كقوله تعالى:{والأرض فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ} [ الذاريات: 48] وقوله تعالى:{الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرض فِرَاشاً وَالسَّمَآءَ بِنَآءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ} [ البقرة: 22] .وقوله تعالى:{اللَّهُ الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرض قَرَاراً وَالسَّمَآءَ بِنَآءً} [ غافر: 64] الآية .
وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى:{وَأَلْقَى في الأرض رواسي أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [ النحل: 15] .