قوله تعالى:{والذي نَزَّلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} .
ما تضمنته هذه الآية الكريمة من دلالة إحياء الأرض بعد موتها على خروج الناس من قبورهم أحياء بعد الموت ،في قوله تعالى:{كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} جاء موضحاً في آيات كثيرة قد قدمناها في سورة البقرة في الكلام على قوله تعالى:{وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ} [ البقرة: 22] مع بقية براهين البعث في القرآن .وأوضحنا ذلك أيضاً في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى:{هُوَ الذي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَآءً لَّكُم مَّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ} [ النحل: 10] ،وفي غير ذلك من المواضع ،وأحلنا على ذلك مراراً كثيرة في هذا الكتاب المبارك .
وقد قدمنا في سورة الفرقان معنى الإنشاء والنشور وما في ذلك من اللغات مع الشواهد العربية .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{بِقَدَرٍ} .
قال بعض العلماء: أي بقدر سابق وقضاء .
وقال بعض العلماء: أي بمقدار يكون به إصلاح البشر فلم يكثر الماء جداً فيكون طوفاناً فيهلكهم ،ولم يجعله قليلاً دون قدر الكفاية ،بل نزله بقدر الكفاية من غير مضرة ،كما قال تعالى:{وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ في الأرض وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ} [ المؤمنون: 18] .
وقال تعالى:{وَإِن مِّن شيء إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ} إلى قوله{وَمَآ أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ} [ الحجر: 21 -22] .