وقوله تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ اتَّبَعُواْ الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّبَعُواْ الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ} أي ذلك المذكور من إضلال أعمال الكفار أي إبطالها واضمحلالها ،وبقاء ثواب أعمال المؤمنين ،وتكفير سيئاتهم وإصلاح حالهم ،كله واقع بسبب أن
الكفار اتبعوا الباطل ،ومن اتبع الباطل فعمله باطل .
والزائل المضمحل تسميه العرب باطلاً وضده الحق .
وبسبب أن الذين آمنوا اتبعوا الحق ،ومتبع الحق أعماله حق ،فهي ثابتة باقية ،لا زائلة مضمحلة .
وما تضمنته هذه الآية الكريمة ،من أن اختلاف الأعمال ،يستلزم اختلاف الثواب ،لا يتوهم استواءهما إلا الكافر الجاهل ،الذي يستوجب الإنكار عليه ،جاء موضحاً في آيات أخر ،كقوله تعالى:{أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [ القلم: 35 -36] .
وقوله تعالى:{أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ في الأرض أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ ص: 28] .وقوله تعالى:{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُواْ السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ} [ الجاثية: 21] .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ} .
قال فيه الزمخشري: فإن قلت: أين ضرب الأمثال ؟
قلت: في جعل اتباع الباطل مثلاً لعمل الكفار .
واتباع الحق مثلاً لعمل المؤمنين .
أو في أن جعل الإضلال مثلاً لخيبة الكفار ،وتكفير السيئات مثلاً لفوز المؤمنين .ا ه .منه .
وأصل ضرب الأمثال يراد منه بيان الشيء بذكر نظيره الذي هو مثل له .