قوله تعالى:{عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} .
لم يبين هنا هل جعل المودة بالفعل بينهم وبين من عادوهم وأمروا بمقاطعتهم وعدم موالاتهم من ذوي أرحامهم أم لا ،ولكن عسى من الله للتأكيد ،والتذييل بقوله تعالى:{وَاللَّهُ قَدِيرٌ} يشعر بأنه فاعل ذلك لهم ،وقد جاء ما يدل على أنه فعله فعلاً في سورة النصر حين دخل الناس في دين الله أفواجاً ،وقد فتح الله عليهم مكة وكانوا طلقاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم ،وكذلك موقف أبي سفيان وغيره ،وعام الوفود إلى المدينة بعد الفتح ،وفي التذييل بأن الله قدير ،يشعر بأن تأليف القلوب ومودتها إنما هو من قدرة الله تعالى وحده ،كما بينه قوله تعالى:{لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأرض جَمِيعاً} [ الأنفال: 63]،لأن المودة المتوقعة بسبب هداية الكفار ،والهداية منحة من الله: إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء .والعلم عند الله تعالى .