قوله تعالى:{وَقَالُواْ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} .
قال الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في إملائه: أي قال أهل النار: لو كنا نسمعمن يعقل عن الله حججهأو نعقلحجج الله ،ما كنا في أصحاب السعير ،أي النار ،فهم يسمعون ،ولكن لا يسمعون ما ينفعهم في الآخرة ،ويعقلون ولكن لا يعقلون ما ينفعهم في الآخرة ،لأن الله قال:{خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ} [ البقرة: 7] .
وقال:{إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِى آذَانِهِمْ وَقْراً} [ الكهف: 57] .
وقد بين هذا الذي ذكره رحمة الله تعالى علينا وعليه عدة نصوص صريحة في ذلك ،منها أصل خلقتهم الكاملة في قوله تعالى{إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً} [ الإنسان: 2] .
وفي آخر سورة الملك هذه قوله{قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ} [ الملك: 23] .
ولكنهم سمعوا وعصوا ،كما في قوله:{سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ} [ البقرة: 21] .
وهذا ،وإن كان في بني إسرائيل ،إلا أنه قال لهذه الأمة:{وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُواْ سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ} [ الأنفال: 21] .
وقال تعالى عنهم:{قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَآ} [ الأنفال: 31] .
وقوله عنهم:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَذَا الْقُرْآنِ وألْغَوْاْ فِيهِ} [ فصلت: 26] .
وقد بين تعالى سبب عدم استفادتهم بما يسمعون في قوله تعالى:{وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئاً اتَّخَذَهَا هُزُواً} [ الجاثية: 7 -9] .
وقوله:{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا} [ لقمان: 7] .
فقولهم هنا:{لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ} أي سماع تعقل وتفهم .