قوله تعالى:{فَلاَ تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ هَمَّازٍ مَّشَّآءِ بِنَمِيمٍ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} [ 8 -16] .
إذا كان في مجيء الآية قبل هذه{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [ القلم: 4] على دعواهم الكاذبة على رسول الله{صلى الله عليه وسلم} بالجنون .
ففي هذه الآية تنزيهه صلى الله عليه وسلم مما اشتملت عليه من رذائل ونقائص وافتضاح لهم .وبيان الفرق والبون الشاسع بينه وبينهم .ففي الوقت الذي وصفه بأنه على خلق عظيم ،وصفهم بعكس ذلك من كذب ومداهنة ،وكثرة حلف ومهانة ،وهمز ومشي بنميمة ،ومنع للخير وعتل وتجبر ،واعتداء وظلم ،وانقطاع زنيم ،عشر خصال ذميمة .ونتيجتها الوسم بالخزي على الأنوف صغاراً لهم .
وقد جاءت آيات القرآن تبين مساويء تلك الصفات وتحذر منها ،ولا يسعنا إيرادها كلها ،وتكفي الإشارة إلى بعضها تنبيهاً على جميعها في قوله تعالى:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُواْ خَيْراً مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَآءٌ مِّن نِّسَآءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُواْ أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُواْ بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمان وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُواْ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ} [ الحجرات: 11-12] .