قوله تعالى:{إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً} .
الهلوع: فعول من الهلع صيغة مبالغة ،والهلع ،قال في الكشاف: شدة سرعة الجزع عند مس المكروه ،وسرعة المنع عند مس الخير ،وقد فسره الله في الآية{إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً} [ المعارج: 20 -21] .
ولفظ: الإنسانهنا مفرد ،ولكن أريد به الجنس أي جنس الإنسان في الجملة بدليل استثناء المصلين بعده في قوله تعالى:{إِلاَّ الْمُصَلِّينَ} [ المعارج: 22] ،ومثله قوله تعالى:{وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ} [ العصر: 1 -3] ونظيره كثير .
وقد قال ابن جرير: إن هذا الوصف بالهلع في الكفار ويدل لما قاله أمران:
الأول تفسيره في الآية واستثناء المصلين وما بعده منه ،لأن تلك الصفات كلها من خصائص المؤمنين ،ولذا عقَّب عليهم بقوله:
{أُوْلَائِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ} [ المعارج: 35] ،ومفهومه أن المستثنى منه على خلاف ذلك .
والثاني الحديث الصحيح:"عجباً لأمر المؤمن شأنه كله خير إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له ،وإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له ،ولا يكون ذلك إلا للمؤمن "،فمفهومه أن غير المؤمنين بخلاف ذلك ،وهو الذي ينطبق عليه الوصف المذكور في الآية أنه هلوع .