الفاء في{ فذلكن} فاء الفصيحة ،أي إن كان هذا كما زعمتُنّ ملكاً فهو الذي بلَغكن خبره فلمتنني فيه .
و{ لمتنني فيه} ( في ) للتعليل ،مثل"دخلت امرأةٌ النار في هرة".وهنالك مضاف محذوف ،والتقدير: في شأنه أو في محبته .
والإشارة ب ( ذلكن ) لتمييز يوسف عليه السّلام ،إذ كُنّ لم يرينَه قبلُ .والتعبير عنه بالموصولية لعدم علم النسوة بشيء من معرّفاته غير تلك الصلة ،وقد باحت لهن بأنها راودته لأنها رأت منهن الافتتان به فعلمت أنهن قد عذرنها .والظاهر أنهن كن خلائل لها فلم تكتم عنهن أمرها .
واستعصم: مبالغة في عصم نفسه ،فالسين والتاء للمبالغة ،مثل: استمسك واستجمع الرأي واستجاب .فالمعنى: أنه امتنع امتناع معصوم ،أي جَاعلاً المراودة خطيئة عصم نفسه منها .
ولم تزل مصممة على مراودته تصريحاً بفرط حبها إياه ،واستشماخاً بعظمتها ،وأن لا يعصي أمرها ،فأكدت حصول سجنه بنوني التوكيد ،وقد قالت ذلك بمسمع منه إرهاباً له .
وحذف عائد صلة{ ما آمره} وهو ضمير مجرور بالباء على نزع الخافض مثل: أمرتك الخير ...
والسجن بفتح السين: قياس مصدر سجَنه ،بمعنى الحبس في مكان محيط لا يخرج منه .ولم أره في كلامهم بفتح السين إلا في قراءة يعقوب هذه الآية .والسجن بكسر السين: اسم للبيت الذي يسجن فيه ،كأنهم سموه بصيغة المفعول كالذبح وأرادوا المسجون فيه .وقد تقدم قولها آنفاً:{ إلا أن يُسجن أو عذابٌ أليم}[ سورة يوسف: 25] .
والصاغر: الذليل .وتركيب{ من الصاغرين} أقوى في معنى الوصف بالصّغار من أن يقال: وليكونن صاغراً ،كما تقدم عند قوله تعالى:{ قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين} في سورة البقرة ( 67 ) ،وقوله:{ وكونوا مع الصادقين} في آخر سورة براءة ( 119 ) .
وإعداد المُتّكأ لهن ،وبَوحُها بسرّها لهن يدل على أنهن كن من خلائلها .