{ إنه كان من الضالين} تعليل لطلب المغفرة لأبيه فيه إيماء إلى أنه سأل له مغفرة خاصة وهي مغفرة أكبر الذنوب أعني الإشراك بالله ،وهو سؤال اقتضاه مقام الخُلّة وقد كان أبوه حياً حينئذ لقوله في الآية الأخرى:{ قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حَفيّاً}[ مريم: 47] .ولعلّ إبراهيم علم من حال أبيه أنه لا يرجى إيمانه بما جاء به ابنه ؛أو أن الله أوحى إليه بذلك ما ترشد إليه آية
{ وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبيّن له أنه عدوّ لله تبرأ منه}[ التوبة: 114] .ويجوز أنه لم يتقرر في شرع إبراهيم حينئذ حرمان المشركين من المغفرة فيكون ذلك من معنى قوله تعالى:{ فلما تبيّن له أنه عدوّ لله تبرأ منه}[ التوبة: 114] .ويجوز أن يكون طلبُ الغفران له كناية عن سبب الغفران وهو هدايته إلى الإيمان .