تَعْجِيب من حال اليهود إذ يقولون{ نحن أبناء الله وأحبّاؤه}[ المائدة: 18] وقالوا:{ لن يدخل الجنّة إلاّ من كان هوداً}[ البقرة: 111] ونحو ذلك من إدلالهم الكاذب .
وقوله:{ بل الله يزكي من يشاء} إبطال لمعتقَدهم بإثبات ضدّه ،وهو أنّ التزكية شهادة من الله ،ولا ينفع أحداً أن يزكّي نفسه .وفي تصدير الجملة ب ( بل ) تصريح بإبطال تزكيتهم .وأنّ الذين زكَّوا أنفسهم لاحظّ لهم في تزكية الله ،وأنّهم ليسوا ممّن يشاء الله تزكيته ،ولو لم يذكر ( بل ) فقيل و{ الله يزكّي من يشاء} لكان لهم مطمع أن يكونوا ممّن زكّاه الله تعالى .
ومعنى{ ولا يظلمون فتيلاً} أي أنّ الله لم يحرمهم ما هم به أحرياء ،وأنّ تزكية الله غيرهم لا تعدّ ظلماً لهم لأنّ الله يقول الحقّ وهو يهدي السبيل ولا يظلِم أحداً .
والفتيل: شبه خَيْط في شَقّ نواة التمرة .وقد شاع استعارته للقِلّة إذ هو لا ينتفع به ولا له مرأى واضح .
وانتصب{ فتيلا} على النيابة عن المفعول المطلق ،لأنّه على معنى التشبيه ،إذ التقدير: ظلماً كالفتيل ،أي بقَدْره ،فحذفت أداة التشبيه ،وهو كقوله:{ إنّ الله لا يظلم مِثقَالَ ذَرَّة}[ النساء: 40] .