و{ الليل} عطف على{ ليالي عشر} عطف الأعم على الأخص أو عطف على{ الفجر} بجامع التضاد .وأقسم به لما أنه مظهر من مظاهر قدرة الله وبديع حكمته .
ومعنى يسري: يمضي سائراً في الظلام ،أي إذا انقضى منه جزء كثير ،شُبه تقضي الليل في ظلامه بسير السائر في الظلام وهو السُّرى كما شبه في قوله:{ والليل إذ أدبر}[ المدثر: 33] وقال:{ والليل إذا سجى}[ الضحى: 2] ،أي تمكن ظلامه واشتد .
وتقييد{ الليل} بظرف{ إذا يسر} لأنه وقت تمكن ظلمة الليل فحينئذ يكون الناس أخذوا حظهم من النوم فاستطاعوا التهجد قال تعالى:{ إن ناشئة الليل هي أشد وطأً وأقوم قيلاً}[ المزمل: 6] وقال:{ ومن الليل فاسجد له وسبحه}[ الإنسان: 26] .
وقرأ نافع وأبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب:{ إذا يسري} بياء بعد الراء في الوصل على الأصل وبحذفها في الوقف لرعي بقية الفواصل: « الفجر ،عشر ،والوتر ،حجر » ففواصل القرآن كالأسجاع في النثر والأسجاعُ تعامل معاملة القوافي ،قال أبو علي: وليس إثباتُ الياء في الوقف بأحسن من الحذف ،وجميع ما لا يحذف وما يُختار فيه أن لا يحذف ( نحو القاض بالألف واللام ) يُحذف إذا كان في قافيةٍ أو فاصلة فإن لم تكن فاصلة فالأحسن إثبات الياء .وقرأ ابن كثير ويعقوب بثبوت الياء بعد الراء في الوصل وفي الوقف على الأصل .
وقرأ الباقون بدون ياء وصْلاً ووقفاً ،وهذه الرواية يوافقها رسم المصحف إياها بدون ياء ،والذين أثبتوا الياء في الوصل والوقف اعتمدوا الرواية واعتبروا رسم المصحف سُنَّة أو اعتداداً بأن الرسم يكون باعتبار حالة الوقف .
وأما نافع وأبو عمرو وأبو جعفر فلا يُوهن رسمُ المصحف روايتهم لأن رسم المصحف جاء على مراعاة حال الوقف ومُراعاةُ الوقف تكثر في كيفيات الرسم .