هذا دليل قياس . احتج الله سبحانه به على المشركين ، حيث جعلوا له من عبيده ، وملكه شركاء فأقام عليهم حجة يعرفون صحتها من نفوسهم ، لا يحتاجون فيها إلى غيرهم .
ومن أبلغ الحجاج . أن يأخذ الإنسان من نفسه ، ويحتج عليه بما هو في نفسه مقرر عندها ، معلوم لها . فقال:«هل لكم مما ملكت أيمانكم » من عبيدكم وإمائكم شركاء في المال والأهل ؟ أي:هل يشارككم عبيدكم في أموالكم وأهليكم فأنتم وهم في ذلك سواء ؟ تخافون أن يقاسموكم أموالكم ، ويشاطروكم إياها ، ويستكثرون ببعضها عليكم ، كما يخاف الشريك شريكه .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما:تخافونهم أن يرثوكم كما يرث بعضكم بعضا . والمعنى:هل يرضى أحد منكم أن يكون عبده شريكه في ماله وأهله ، حتى يساويه في التصرف في ذلك ؟ فهو يخاف أن ينفرد في ماله بأمر يتصرف فيه ، كما يخاف غيره من الشركاء والأحرار ؟ فإذا لم ترضوا ذلك لأنفسكم ، فلم عدلتم بي من خلقي من هو مملوك لي ؟ فإن كان هذا الحكم باطلا في فطركم وعقولكم ، مع أنه جائز عليكم ، ممكن في حقكم ، إذ ليس عبيدكم ملكا لكم حقيقة ، وإنما هم إخوانكم ، جعلهم الله تحت أيديكم ، وأنتم وهم عبيد لي ، فكيف تستجيزون مثل هذا الحكم في حقي ، مع أن من جعلتموهم لي شركاء عبيدي وملكي وخلقي ؟ فهكذا يكون تفصيل الآيات لأولي العقول .