إن المشركين قالوا تعنتا في كفرهم{ لولا أنزل عليه ملك} [ الأنعام:8] يعنون ملكا نشاهده ونراه يشهد له ويصدقه وإلا فالملك كان ينزل عليه بالوحي من الله فأجاب الله تعالى عن هذا وبين الحكمة في عدم إنزال الملك على الوجه الذي اقترحوه بأنه لو أنزل ملكا كما اقترحوا ولم يؤمنوا ويصدقوه لعوجلوا بالعذاب كما استمرت به سنته تعالى مع الكفار في آيات الاقتراح إذا جاءتهم ولم يؤمنوا بها فقال:{ ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون} [ الأنعام:8] . ثم بين سبحانه أنه لو أنزل ملكا كما اقترحوا لما حصل به مقصودهم لأنه إن أنزله في صورته لم يقدروا على التلقي عنه إذ البشر لا يقدر على مخاطبة الملك ومباشرته وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو أقوى الخلق إذا نزل عليه الملك كرب لذلك وأخذه البرحاء وتحدر منه العرق في اليوم الشاتي ، وإن جعله في صورة رجل حصل لهم لبس هل هو رجل أم ملك ؟ فقال تعالى:{ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم} في هذه الحال{ ما يلبسون} [ الأنعام:9] على أنفسهم حينئذ فإنهم يقولون إذا رأوا الملك في صورة الإنسان هذا إنسان وليس بملك . هذا معنى الآية .