( وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ ) .
إذا كان الرسول يكون معه ملك ، فإن ا لمغزى أنهم يريدون أن يكون الرسول ملكا ولو جعل الله بدل الرسول البشري رسول من الملائكة لكان الأمر الطبيعي لكي يختلط بهم ، ويخاطبهم ويوجههم أن يجعله سبحانه وتعالى رجلا يكون له مظاهر البشر ويندمج فيهم ويدعوهم وحينئذ لا تكون جدوى في اختياره ملكا ، بدل أن يكون رجلا لأنه سيختلط عليهم ويقولون كيف يكون رجل هو الذي يدعو ، وما يعترضون به على النبي صلى الله عليه وسلم هو عين ما يعترضون على ذلك الملك الذي لا يكون في مظهره إلا رجلا كمحمد صلى الله عليه وسلم فمعنى قوله:( وللبسنا عليهم ما يلبسون ) لخلطنا عليهم ما يخلطون على أنفسهم إذ يقولون إذا رأوا الملك في صورة رجل هذا رجل وليس بملك ونحن نطلب ملكا وعلى ذلك يكون الدليل على أنه هو القرآن المعجز الذي يتحدى به كما يتحدى به النبي صلى الله عليه وسلم فلا جدوى ولقد قال تعالى ، ( قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا 95 ) ( الإسراء ) .
ونرى أن الرد الأول فيه بيان سنة الله تعالى في هداية خلقه وأن الشريعة التي يريد الله تعالى لها البقاء لا تنقضي بالإفناء لمن تلقوها وينقضي الأمر والرد الثاني يثبت أن طلبهم لا نتيجة له ، وأنهم ليسوا طلاب حق ، بل متعنتون مستهزئون لا يريدون الحق أو الدليل عليه ، ولذا قال سبحانه: