لذلك فالقرآن في الجواب الثّاني يقول: لو شئنا أن يكون رسولنا ملكاً حسبما يريدون ،لوجب أن يتصف هذا الملك بصفات الإِنسان وأن يظهر في هيئة إِنسان: ( ولو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلا ){[1141]} .
يتّضح ممّا قلنا أنّ جملة ( لجعلناه رجلا ) لا تعني: أنّنا سنجعله على هيئة إنسان ،كما تصور بعض المفسّرين ،بل تعني: أنّنا نجعله على هيئة البشر في الصفات الظاهرية والباطنية ،ثمّ يستنتج من ذلك أنّهمفي هذه الحالة أيضاًكانوا سيعترضون الاعتراض نفسه ،وهو: لماذا أوكل الله مهمّة القيادة إِلى بشر وأخفى عنّا وجه الحقيقة: ( وللبسنا عليهم ما يلبسون ) .
«اللبس » بمعنى خلط الأمر وجعله مشتبهاً بغيره خافياً ،و«اللبس » بمعنى ارتداء اللباس ،ومن الواضح أنّ الآية تقصد المعنى الأوّل ،أي أنّنا لو أردنا أن نرسل ملكاً لوجب أن يكون في صورة الإِنسان وسلوكه ،وفي هذه الحالة سيعتقدون أنّنا خلطنا الأمر على الناس وأوقعناهم في الاشتباه ،ولكانوا يشكلون علينا الإِشكالات السابقة ،بمثل ما يوقعون الجهلة من الناس في الخطأ والاشتباه ويلبسون وجه الحقيقة عنهم ،وعليه فإنّ نسبة «اللبس » والإِخفاء إِلى الله إِنّما هي من وجهة نظرهم الخاصة .