المفردات:
وللبسنا: أي خلطنا .
التفسير:
9- ولو جعلنا ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون .أي لو استجبنا لهم في إنزال ملك لمثلناه رجلا ليقوى على مشاهدته وسماع كلامه لعدم استطاعتهم رؤية الملك على صورته الأصلية .
ومن أجل هذا كانت الملائكة تأتى الرسل على هيأة البشر أحيانا ،وكان جبريل يأتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم في صورة دحية الكلبى ،وقد رآه النبي صلى الله عليه وآله وسلم على صورته الأصلية مرتين وذكر ذلك في أول سورة النجم .
ولو جعل الله الملاك بشرا ليأنسوا به لاعتقدوا أنه بشر لأنهم لا يدركون منه صورته وصفاته التي تمثل بها وحينئذ ،يقعون في نفس اللبس والاشتباه .
قال الإمام القرطبي:
قوله تعالى: ولو جعلنه ملكا لجعلناه رجلا .( لأن كل جنس يأتي بجنسه ،وينفر من غير جنسه فلو جعل الله تعالى الرسول إلى البشر ملكا لنفروا من مقاربته ،ولما أنسوا به ،ولداخلهم من الرعب من كلامه ،والاتقاء له ،ما يكفهم عن كلامه ،ويمنعهم عن سؤاله فلا تعم المصلحة ،ولو نقله عن صورة الملائكة إلى مثل صورتهم ليأنسوا به و ليسكنوا إليه لقالوا لست ملكا ،وإنما أنت بشر فلا نؤمن بك ،وعادوا إلى مثل حالهم ) ( 58 ) .
والخلاصة أن الحكمة الإلهية اقتضت أن يكون الرسول بشرا من جنس وقومه وأن يؤيده الله بالمعجزات حتى يمكن الاقتداء به في قوله وفعله وسلوكه .
قال تعالى: وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ... الآية .( إبراهيم 4 ) .
وقال تعالى: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا .( الأحزاب: 21 ) .